الرياض – عدن TV
دعا وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الارياني، إلى عقد مؤتمر دولي للحفاظ على الآثار اليمنية وحمايتها، والعمل على تحشيد الموارد المالية والفنية اللازمة لمساعدة اليمن في حماية وصيانة الآثار التي تزخر بها، لحمايتها من التلف ومنع وقوعها في أيدي المنظمات الإرهابية والاجرامية.
ونقل الوزير الارياني في كلمته القاها، اليوم، عبر تقنية الاتصال المرئي في الندوة التي استضافها المتحف الوطني للفنون الاسيوية (السمثسونيان) في العاصمة الأمريكية واشنطن، بعنوان (دراسة حالة لعمليات إعادة الآثار إلى اليمن..المتاحف وحماية التراث الثقافي) بحضور سفير اليمن لدى الولايات المتحدة محمد الحضرمي، والمبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، وسفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وعدد من المختصين بالآثار، تحيات فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وأعضاء المجلس، ودولة رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، للمشاركين في الندوة، وامنياتهم لأعمالها بالتوفيق والنجاح.
واكد الارياني، أن اليمن يمتلك موروثاً ثقافياً غزيراً وتنوعاً مادياً وغير مادي نتج منها حضارات متعددة قامت ولا زالت شواهده ماثلة الى يومنا هذا..مشيراً الى ان هناك المدن التاريخية التي اعتمدتها منظمة اليونسكو في قائمة التراث الإنساني (صنعاء، شبام حضرموت، وزبيد، ارخبيل سقطرى، ومارب )، والكثير من المواقع الأثرية والمباني والقصور التاريخية ودور العبادة ومئات الحصون والقلاع التاريخية، ناهيك عن التراث الغير مادي المتنوع والغني بمجالاته.
ولفت الارياني الى أن اليمن تمر بأوضاع استثنائية وظروف صعبة جراء الانقلاب والحرب المدمرة التي فجرتها مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لايران، وما قامت به من تدمير ممنهج لكل مناحي الحياة، بما فيها تدمير المواقع الاثرية والتراثية والمتاحف، وتهريب وبيع الآثار، وتشويه المدن التاريخية، والعبث بالموروث الثقافي والحضاري والإنساني.
وقال ” أن قطاع الموروث الثقافي والحضاري كان الأكثر تضرراً بسبب هشاشته وعدم قدرته على مواجهة خطط التدمير الممنهج الذي قامت به المليشيات الحوثية، حيث استخدمت المواقع الأثرية والمباني التاريخية كمواقع عسكرية ومخازن للأسلحة، ومعتقلات غير قانونية للسياسيين والصحفيين والمواطنين، واستهدفت بعض المواقع بشكل متعمد ومباشر، ونهبت وتاجرت بالآثار اليمنية، كما تعرضت معالم مدينة صنعاء القديمة التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ضمن قائمة التراث العالمي للتشويه، من خلال طبع الشعارات الطائفية ورسم صور قياداتها وعناصرها على جدران الاماكن التاريخية، وقيامها بهدم جامع النهرين التاريخي، ووقف اعمال الصيانة والترميم للمدينة”.
واستعرض الارياني جهود الحكومة ممثلة بوزارة الإعلام والثقافة والسياحة والهيئات المعنية خلال السنوات الماضية، للمحافظة على التراث اليمني وحمايته، رغم الظروف الصعبة والامكانيات الشحيحة، ومساعيها تحييد وتجنيب التراث الثقافي من الاستهداف المباشر، وكذلك عمل معالجات للمشاكل والتحديات التي أفرزتها الحرب وتأثر بها التراث الثقافي في اليمن.
وأوضح الارياني، أن الحكومة عملت على إعداد دراسات فنية ومالية لترميم المعالم الأثرية التي تضررت بمساعدة المنظمات الدولية منها منظمة حماية التراث أثناء النزاع (الف)، كما قامت باتخاذ التدابير اللازمة لحماية البيئة الطبيعية والتراثية لجزيرة سقطرى بمساعدة الحديقة الملكية في بريطانيا واليونسكو، وعملت مع معهد الآثار الألماني على إعداد أطلس رقمي لتوثيق المواقع الأثرية والتاريخية في بلادنا ومراقبتها فلكيا بهدف الحد من أعمال النبش والتخريب والعمل على تسويرها مستقبلا، وبالتعاون مع منظمة اليونسكو وبدعم من الاتحاد الأوروبي تم ترميم وصيانة الكثير من المباني التاريخية في كل من (صنعاء، وشبام حضرموت، وزبيد، وعدن) التي تضررت من سيول الأمطار الغزيرة التي شهدتها اليمن وأدت إلى تأثر وتهدم العديد من المباني.
ولفت الارياني الى عقد وزارة الإعلام والثقافة والسياحة، ممثلة بالهيئة العامة للآثار والمتاحف، اللقاء التشاوري لحماية التراث الثقافي “التحديات والحلول” في محافظة مأرب أواخر اكتوبر 2022، بمشاركة فاعلة من قبل نخبة من المختصين بالآثار في مكاتب الهيئة بالمحافظات والباحثين الأكاديميين من مختلف الجامعات ومكتب النائب العام ومصلحة الجمارك ومنظمات المجتمع المدني، حيث اوصى المشاركون في اللقاء بعدد من التوصيات للحفاظ على الاثار وحمايتها من النهب والتخريب، وقد أصدر فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، توجيهاته للحكومة باعتماد توصيات اللقاء التشاوري وتنفيذها، كما أعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة خلال اللقاء، العام 2024م عام الحفاظ على التراث الثقافي بمحافظة مأرب وتنفيذ كافة الخطط والتوصيات الخاصة بحماية الآثار والتراث.
وفي مجال بناء القدرات وتنمية المهارات، أشار الارياني الى ان الحكومة عملت مع الشركاء الدوليين على تنظيم دورة تدريبية في مجال حماية الآثار بالاشتراك مع المركز الامريكي للدراسات (اكور) ومنظمة حماية البتراء في الأردن، كما شاركت مع المجتمع الدولي في محاربة غسيل الأموال في تجارة الآثار والفن بهدف تعزيز الشراكة والتعاون لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب.
وقال الارياني “بالرغم من التحديات التي تواجه التراث الثقافي في اليمن منها الاتجار غير المشروع والسرقات والتهريب العابر للحدود، ومحدودية الموارد ليس فقط المالية ولكن هناك العنصر الاهم وهو عدم وجود العدد الكافي للكادر المحترف والمؤهل لممارسة هذا النشاط، ومع ذلك فإننا واثقون أنه يمكننا أن نجعل من هذه التحديات فسحة للعمل والنجاح لما نصبوا لتحقيقه من أجل موروثنا وارثنا وهويتنا الثقافية الوطنية”.
واشاد الارياني في هذا السياق بالدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الامريكية الصديقة في هذا الجانب، ومنها توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين لفرض قيود استيراد على المواد الاثرية والاثنولوجية اليمنية ومنع تهريبها للولايات المتحدة الامريكية، ودورها في ضبط وإعادة (79) قطعة اثرية تم تهريبها بقصد الاتجار غير المشروع..منوهاً بتوقيع اتفاقية لإعارة تلك القطع الأثرية المستردة مؤخراً إلى المتحف الوطني للفنون الآسيوية في العاصمة واشنطن والتي ستضاف الى قطع أثرية يمنية سبق إعارتها إلى المتحف للحفاظ عليها مؤقتاً، حتى تستتب الأوضاع في اليمن وإعادتها إلى الوطن.
وأعرب الارياني عن خالص الشكر والتقدير لمتحف سميثسونيان للفنون الأمريكية على هذه المبادرة والتي تأتي في اطار التعاون المستمر بين البلدين الصديقين في اطار الحفاظ على التراث والآثار اليمنية..مثمناً الدعم الذي يقدمه الاشقاء في المملكة العربية السعودية ممثلة بوزارة الثقافة، والبرنامج السعودي لتنمية واعمار اليمن، لتعزيز جهود الحكومة اليمنية من أجل حماية التراث والآثار اليمنية، وزيادة القدرات المؤسسية لتعزيز حماية الممتلكات الثقافية اليمنية.
ودعا الارياني، كافة الدول الشقيقة والصديقة الى أن تحذو حذو الولايات المتحدة الامريكية عبر ابرام اتفاقيات مشابهة للمساعدة في حماية الاثار اليمنية من الاتجار غير المشروع والعمل على اغلاق مصدر هام من مصادر تمويل الإرهاب في العالم.
بدوره أشاد المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، بالشراكة بين المتاحف الفنية الأمريكية وجهات إنفاذ القانون والحكومة اليمنية للحفاظ على التراث الثقافي وإعادة هذه القطع إلى الشعب اليمني.
ويهدف هذا البرنامج العام إلى مناقشة القضايا المتعلقة بنهب والبيع غير القانوني للآثار وأهمية التعاون بين الدول والمنظمات للحفاظ على التراث الثقافي.
تخلل الندوة عرض عشرة من القطع التي تم مصادرتها وإعادتها في عام 2023 إلى اليمن، والتي يتم حفظها حاليا في المتحف الوطني للفنون الآسيوية حتى تقرر الحكومة اليمنية أن عودتها إلى البلاد آمنة.